حياتنا والقمر
عبر العصور القديمه عبد الانسان الشمس والقمر وقدم القرابين لهما، فقد اعتقد البابليون ان بامكان القمر ان يؤدي الى حصول مد طوفاني في أحشائنا، وكانت العرب في الليالي المقمرة تحذر من قرصة العقارب وعضات الذئاب لأنها تكون في قمة هيجانها، وكان الغرب يعتقد بوجود علاقة بين الجنون وفترة اكتمال القمر، فقد كان من التقاليد المعتادة في المصحات العقلية إلغاء إجازات العاملين في الليالي البيض، وضرب المجانين قبل يوم من اكتمال القمر كاجراء وقائي ضد العنف المتوقع منهم، وهناك حالات تسمى الجنون القمري حيث يبلغ الاضطراب في السلوك الإنساني أقصى مداه في الأيام التي يكون القمر فيها بدرا.
والفيديو التالي يتحدث عن كيفية تكون القمر وعن علاقته بالارض، فاحدى النظريات العلمية تقول أن القمر كان جزءا من الارض وقد انفصل عنها منذ 4.6 مليار سنة نتيجة لتصادم كبير حدث بين الأرض وجرم سماوي آخر بحجم المريخ.
وهناك جانب من القمر لا نستطيع أن نراه، لأن القمر يواجهنا دائماً بوجه واحد لا يتغير، بينما الجانب البعيد لم نتمكن من رؤيته إلا بعد أن صورته الأقمار الصناعية، وفي الصوره التالية لقطتين للقمر، الوجه الظاهر لنا والذي يبقى ثابتا، والوجه الخفي المليء بالثقوب من أثر النيازك.
صورة وجهي القمر
وتدل الحفر والشقوق التي يمتلئ بها وجه القمر بأن تاريخا عنيفا قد مر عليه، ولأن القمر ليس لديه غلاف جوي يحميه، فإنه معرض دائما للاصطدام بالنيازك التي تشوه سطحه.
وللقمر علاقة قوية وأثر كبير في حياتنا، فهو وباستمرار يعمل على التأثير في جميع نواحي الحياة، فمن تأثيراته الظاهرة للعيان عمليتي المد والجزر، وتنشأ حركة المد والجزر بفعل جاذبية الشمس والقمر لمياه البحار والمحيطات، ولأن القمر أقرب الى الأرض فثأتير جاذبيته اكبر، وتعمل حركات المد والجزر على تطهير البحار والمحيطات من كل الشوائب.
وذلك لأن القمر له طاقة مغناطيسية، وهذه الطاقة توثر على المياه ونتيجة لها تحدث طاقة المد والجزر، وهذه الطاقة تحمل ملايين من الأطنان من المياه وترفعها من متر إلى مترين أو أكثر، وقد تم قياس هذه الحركة في منجم للملح في المانيا، فقد عمد معهد بحوث قياس الارض الى تعليق رقاصا طوله 30 مترا، ويتم من خلال زاوية ضرب الرقاص قياس تغيير انحراف سطح الارض ضمن ايقاع الفصول، ويؤشر الرقاص الى أن الشمس والقمر بامكانهما وضع السوائل والمواد الصلبة في حالة اهتزاز وحركة دائمتين.
وللقمر تأثير على النباتات، فقد جرت في المانيا اختبارات حول مدى صحة التقليد الفلاحي القديم، والقائل بأن النباتات التي يؤكل جزءها الظاهر يجب ان تتم زراعتها عندما يكون الهلال في طريقه ليكون بدراً، بينما النباتات التي يأكل جذرها فيستحسن زراعتها بعد اكتمال البدر.
والنتيجة تعطي اجدادنا الحق، فالنباتات تنمو بشكل رائع عندما يتم بذارها قبل يومين من اكتمال البدر، اما تلك التي يؤكل جذرها، فقد تجاوز نموها كل التوقعات لانها زرعت عندما بدأ البدر بالتناقص، والفلاحين الذين يتبعون طريقة الزراعة البيولوجية قد تمكنوا من رفع انتاجهم الزراعي كثيرا باتباع طريقة القمر تلك، وبما أن أجسام الكائنات الحية بما فيها النباتات تحتوي على نسبة تتعدى 70% من الماء، فعندما يكون القمر صاعدا يرسل طاقة تدفع العصارة النباتية للصعود بقوة وتمتلئ الأجزاء الطرفية للنبات، ويكون الوقت مناسبا لأخذ العقل الطرفية واستخدامها في الإكثار.
أما تأثير القمر على الحشرات، فمن المعروف ازدياد نشاط الفراشات في الليالي المقمرة، حيث كلما ازداد اكتمال القمر ازدادت كمية الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة منه، واذا علمنا انه يوجد عند اناث هذه الحشرات غدة تحتوي على مواد كيميائية تصدر اشعة فوق البنفسجية مما يجذب الذكور اليها، فإن الفراش ينجذب إلى النار لضعف تمييزه، ويندفع لعملية التزاوج ولكنه يفاجىء بمصيره الحتمي بوقوعه في لهيب النار.
علل العالم الفرنسي “ج. فابر” هذه الظاهرة بان إشعاعات محددة من مصدر الضوء هي المسؤولة عن جذب الحشرات، وأن هناك غدة عند طرف بطن الفراشة تفرز بعض الذرات والتي تسمى الرائحة الجنسية، وهذة المادة الكيميائية تبث الأشعة تحت الحمـــراء، فيلتقط ذكر الفراش هذه الأشعة فينجذب نحو الأنثى، ولهذا فإن البحث عن الإناث يقود الذكور إلى مصدر الضوء المشع.
أما بالنسبة لتأثير القمر على أجسادنا، فالأبحاث تقول عندما يكون القمر بدرا يزداد التهيج العصبي والتوتر النفسي لدى الانسان إلى درجة بالغة، حيث يقول ليبر: إن هناك علاقة قوية بين العدوان البشري والدورة القمرية وخاصة بين مدمني الكحول، والميالين إلى الحوادث وذوي النـزعات الإجرامية، والذين يعانون من عدم الاستقرار العقلي والعاطفي.
وفي دراسة حديثة من جامعة ليدز البريطانية تفيد بأن مراجعي العيادات يزدادون بنسبة 3.6% في الليلة التي يكتمل فيها القمر، أما معهد أمراض المناعة في سلوفاكيا فاكتشف أن حالات الربو الحادة ترتفع الى قمتها في منتصف الشهر، وفي دائرة الشرطة في فلوريدا أكبر دراسة ميدانية تثبت ارتفاع نسبة العنف والجرائم في اليومين السابقين والتاليين لاكتمال القمر، أما في دول البلطيق واسكندنافيا (أكثر دول العالم في معدلات الانتحار) فثبت أن حالات الشنق والتسمم والقفز تكون في أقصى حالاتها في منتصف الشهر، وان اختفاء البدر وراء السحب الكثيفة لايمنع أو يعطل هذه الظاهرة.
اذا ما الحل في هذه المعضلة … والتي تؤدي بالبشر إلى درجة الإنتحار؟
الحل قد وضع للناس منذ بدء الرسالات، ففي جميع الديانات السماوية فرض الله تعالى الصيام، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلاثٍ : صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ , وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى , وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ)، والثلاث أيام هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر الهجري، وتقول نظرية ليبر إن جسم الإنسان يتكون من 70% من الماء، ومن ثم فإن قوة جاذبية القمر تسبب المد في أجسامنا، والحكمة من هذا الصيام أن فيه امتناع عن تناول الماء فيقل تأثر الجسم بجاذبية القمر وبالتالي ينحسر المد داخله ويكتسب الاستقرار النفسي.
وقد وجدت استنتاجات د.ليبر ما يؤيدها، ففي الأسابيع الثلاثة الأولى من يناير 1973 عندما صادف وجود الأرض والشمس والقمر على خط مستقيم واحد (كما في الصورة أعلاه)، ارتفعت نسبة الجرائم في ميامي ارتفاعا كبيرا، فقد اقترب القمر من الأرض اقتراباً كبيراً وازدادت بذلك جاذبيته من جهة وجاذبية الشمس من جهة أخرى.
وختاما … هل تساءلتم يوما عن مصير القمر؟
قال الله تعالى في سورة القيامة، بسم الله الرحمن الرحيم : “فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ ( 8 ) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)”، هذه الآيات تخبرنا عن مصير جارنا القمر، فاجتماع الشمس والقمر أصبح حقيقة علمية، لأنه ثبت وبقياسات دقيقة للغاية أن القمر يتباعد عنا باستمرار وبمعدل ثلاثة سنتيمترات في السنة، وهذا التباعد سيدخل القمر في نطاق جاذبية الشمس فتبتلعه، وهذا من التنبؤات العلمية المبنية على استقراءات كونية وحسابات فلكية دقيقة.